أكد خالد الصمدي، كاتب الدولة لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني المكلف بالتعليم العالي والبحث العلمي، أن المقاربة العلاجية لظاهرة الغش في الامتحانات ينبغي أن تكون مندمجة؛ تشمل الجانب التربوي والقانوني والإعلامي، وتتضافر فيها جهود مختلف الأطراف لمحاصرة هذه الظاهرة السلبية.
وقال الصمدي إن القراءة التربوية لظاهرة الغش في الامتحانات تتجلى في كونها إحدى تمظهرات الخروج عن مجموعة من القيم المجتمعية المؤسسة مثل الصدق والنزاهة والكفاءة والمسؤولية، بفعل عوامل متعددة.
وشدد على أن من أبرز مخاطر ظاهرة الغش في الامتحانات الإجهاز على تكافؤ الفرص وجودة التكوين وما لذلك من انعكاسات نفسية وتربوية وثقافية جد خطيرة تمتد إلى أجيال وتمس مجالات اجتماعية مختلفة.
ويرى المسؤول الحكومي أنه انطلاقا من خبرته في مجال التربية والتكوين، أنه بالإضافة إلى المقاربة القانونية والزجرية، والدور التوعوي والتحسيسي والتواصلي لوسائل الإعلام والمجتمع المدني، لابد من إعادة النظر في نظام التقييم نفسه، لأن نظام الامتحانات هو نفسه يساعد على الغش باعتماده على الاسترجاع وعلى الذاكرة.
وأوضح في المقابل أن نظام التقييم ينبغي أن يعتمد على تقويم المهارات والقدرات سواء القدرات المعرفية (القدرة على التحليل، القدرة على التركيب، القدرة على النقد …) أو المهارات الحسية الحركية، وأن يتم إدخال القدرات المهارية في سياق التقييم بالنظر إلى تفاوت القدرات والذكاءات بين المتعلمين.
وشدد الصمدي أنه من الضروري إعادة النظر في طرق التعلم التي ينبغي أن تتنوع لكي تستثمر في الطالب والطالبة القدرات المختلفة المعرفية والمهارية والقيمية.
وأشار في هذا الصدد، إلى أنه في إطار العلاقة التسلسلية الرابطة بين حلقات المنظومة التربوية، فإنه يتعين إعادة النظر في نظام التدريس والمنهاج التربوي (الكتاب المدرسي والدروس ..) وتكوين المدرس، هذا الأخير الذي يعد – وفق الوزير – الحلقة الأقوى /الأضعف في المنظومة التربوية والذي ينبغي إيلاؤه الأهمية القصوى على مستوى التأهيل والتكوين لجعله قادرا على استثمار طاقات وقدرات المتعلمين في مختلف المجالات.
وبخصوص المنهاج التربوي، أكد المتحدث نفسه على ضرورة إعادة النظر في الكتاب المدرسي والدروس والتخفيف منها والاتجاه إلى ما هو مهارات وممارسات وقيم، إلى جانب ما هو معرفي، لأن ذلك سيؤدي – برأيه – في نهاية المطاف إلى إعادة النظر في نظام التقييم.
ولاحظ أن كثيرا من التربويين الذين يقاربون ظاهرة الغش في الامتحانات المدرسية يتجهون مباشرة إلى إعادة النظر في نظام الامتحانات علما أن نظام الامتحانات – يوضح الوزير – ليس إلا تتويجا لمسار طويل لمتدخلين كثر من بينهم الأستاذ وطرق تكوين الأستاذ والكتاب المدرسي والمنهاج بصفة عامة.
وتابع « انطلاقا من هذا المنظور الشمولي، رصدت الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015 – 2030 للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي كل هذه الثغرات ووضعت منظورا شاملا لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وبدأنا عملية التفعيل منذ حوالي سنتين في انتظار صدور القانون الإطار الذي سيحول قريبا الرؤية الاستراتيجية إلى قانون مستدام ».
وأوضح الوزير أن هذه الرؤية الاستراتيجية تقوم على أربع رافعات أساسية لإصلاح المنظومة، أولها الجودة وثانيها تكافؤ الفرص وثالثها التمييز الإيجابي لفائدة المناطق الهشة ورابعها تعميم التعليم الأولي، باعتبارها مداخل أساسية للارتقاء بجودة المنظومة بمختلف الأسلاك التعليمية.
ولفت إلى أن آثار هذ الاستراتيجية ستظهر على المدى المتوسط، وليس بشكل فوري، وستشهد معها ظاهرة الغش في الامتحانات انحسارا كبيرا، من خلال خطة متدرجة تروم الارتقاء بجودة التكوين في المنظومة التربوية.
Be the first to comment